بلدية البصرة تفتتح حديقة السنبلة بمساحة 1000 متر ضمن حملة "نحو بصرة أجمل"
   |   
وعود برلمانية بدعم البصرة في مختلف المجالات
   |   
عشائر في البصرة تطالب باحترام نتائج الانتخابات وحصول العيداني على اعلى الاصوات
   |   
مصرع وإصابة 4 عمال نظافة “دهسا”في البصرة
   |   
وصول نسب انجاز مشروع الجسر الرابط بين محلة الساعي ومنطقة العباسية الى مراحل متقدمة
   |   
النائب الأول يترأس اجتماعاً مع دوائر المحافظة لبحث إعداد الخارطة الاستثمارية في البصرة
   |   
مسلحون يعترضون مواطناً و"يسلبوّن" دراجته في البصرة
   |   
قائمة بأصناف وأسعار السمك في مزاد الفاو اليوم الخميس
   |   
النزاهة تضبط تلاعباً بمركز ساحة الترحيب الكبرى في ميناء أم قصر
   |   
أسعار السمك في مزاد الفاو
   |   

ابحث في الموقع

تابعونا على الفيسبوك

اعلانات


قرية البوارين.. جنة البصرة الخضراء المنسية امحتها حرب الثمانينات!

قد تكون صورة لـ ‏‏شجرة‏ و‏نشاطات في أماكن مفتوحة‏‏

 

 

كتب / سعدون حسن الفهد:

      تتكون قرية البوارين من ثلاثة جزر هي جزيرة الشمشومية وشلهة الاغوات وجزيرة البوارين وتشكل هذه الجزر الثلاثة وحدة ادارية تسمى قرية البوارين ولها مختار وكانت مرتبطة بناحية التنومة خلال اعوام الستينات وفي ناحية عتبة بعد استحداثها في اعوام السبعينات وتم ربطها بقضاء شط العرب ومن القرى التي شكلت ناحية عتبة هي البوارين والطويلة والسليمانية والدعيجي والدحيمي وقرى اخرى .

قرية البوارين يحدها من الشمال قرية السليمانية ومن الجنوب جزيرة ام الرصاص والمفرس الكبير وهو امتداد لشط العرب ومن الشرق الاراضي الايرانية ومن الغرب قرية الطويلة وتقع على شط البوارين الذي يبدأ من شط العرب ويتفرع منه جنوب العشار حيث يتصل بشط العرب من الشمال والجنوب ويسمى الشط الصغير وتقع عليه عدة قرى مرتبطة اداريا في قضاء شط العرب من ناحية عتبة وهذه القرى تقع جنوب القضاء وهي على ضفتي النهر وكل قرية يمر بها النهر يسمى باسمها وهذه القرى على الضفه الغربية تبدأ من الجنوب هي الطويلة والعجيراوية الاولى والثانية والصالحية اما في الضفة الشرقية فهي البوارين والسليمانية والدعيجي وكوت سوادي واخرى  ليس موضع اهتمامنا بل الاهتمام ينصب على قرية البوارين لانها مسقط الراس وفيها نشأنا ودرسنا وهي عزيزة على قلوبنا ولنا فيها ذكريات الطفولة وبداية الشباب ولها الحق علينا وقد تعرضت للالغاء والمسح من الخريطة نتيجة الحرب العراقية الايرانية وكان يسكنها قرابة اكثر من سبعة الاف نسمة من الناس حسب احصاء عام 1957 وتعتمد في حياتها وكسب معيشتها على الزراعة وخاصة التمور حيث يشكل الجزء الاكبر من ثروة القرية الزراعية وكذلك قيام اهلها بتربية الماشية بحيث لا يخلو بيت من بقرة او اكثر وكذلك صيد الاسماك لانها تقع على شط البوارين الغني بالسمك النهري وعلى مختلف الانواع   #  وكذلك شط البوارين هو الوسيلة الوحيدة لطرق المواصلات التي تربط القرية بالقرى المجاورة ومركز المدينة البصرة وقضاء ابي الخصيب وشط العرب بواسطة الزوارق البخارية.المواطير.والزوارق الشراعية .الابلام. وكذلك السفن الكبيرة .المهيلات. لنقل الركاب والمنتجات الزراعية وخاصة التمور والسعف ونقله من مواقع الانتاج في القرية الى مكابس التمور في البصرة والى البواخر الكبيرة واللنجات القادمة من الخارج الى البصرة الراسية في شط العرب لتحمل التمور لنقلها الى خارج العراق وكانت تمور قرية البوارين من اجود انواع التمور في البصرة وخاصة البرحي .  وبعد استحداث الطرق البرية اعوام السبعينات حيث تم ربط القرية والقرى المجاورة لها بشبكة طرق برية للسيارات لكنها غير مبلطة والتنقل بواسطة الزوارق النهرية له متعته الخلابة حيث يمر المسافر بمناظر جميلة جدا لمناظر غابات النخيل المنتشرة على ضفتي شط العرب والانهر المتفرعة منه من جنوب العشار الى جنوب البصرة ولم نشاهد لهذه المناظر الجميلة الا في الافلام عن غابات الهند وغابات نهر الامزون وكان الناس يجوبون الشط وانهره في اعياد النوروز والاعياد الاخرى . من البصرة ومختلف محافظات العراق الاخرى وكانت القرية تتمتع بعلاقات اجتماعية جيده ملؤها المودة والحب والالفة والتسامح فيما بين افراد القرية وكأنك تعتقد انهم اخوة من نسب واحد لمتانة العلاقة بينهم وليس من انساب شتى وان حدثت بعض المشاكل بين الشباب فانها قليلة ويتدخل الخيرين لحلها وتراهم يتراحمون فيما بينهم في مناسبات الاعياد ويتزاورون ذهابا وايابا الكل يزور الكل وكذلك مناسبات الزواج هناك حضور حتى وان لم توجه الدعوة وهذا يدل على ان الجميع في القرية واحد وليس متفرقون وكذلك الوفيات والاحزان الكل يشارك ولا يوجد من يتخلف عن تقديم العزاء لصاحب المصيبة وكذلك زيارة المريض لها حصتها من الاهتمام فالجيران وابناء المنطقة يقومون بزيارة المريض ويشاركونه الامه ويخففون عنه ويواسونه ويصبرون عليه ويساعدونه على انجاز اعماله المتعطلة في حقول النخيل ايام اللقاح وقص السعف والامور الاخرى وهذه صفات جيدة جدا.

ان اغلب سكان القرية من طبقة الفلاحين ويعتمدون على الفلاحة في كسب عيشهم والفلاح دوما يشكو ضنك الحال وليس لدية فسحة من الرفاهية فكانت اموره دوما في عسر وضيق ولا يستطيع الفرد منهم الحصول على متطلبات الحياة الا بشق الانفس لكنهم يملكون القناعة والصبر لتجاوز اصعب الظروف واقساها ولهم مناسبات دينية يقدسونها وخاصة في شهر محرم الحرام فكانت تقام مراسم العزاء في الحسينيات المعدة لهذا الغرض وتقام المراسم بكل مشاعر القداسة والاحترام لصاحب المناسبة وكذلك هناك مجالس للعزاء في الصباح والمساء ومن اهم الحسينيات حسينية السادة الموسوية بيت السيد محسن السيد ناصر والمقيمين عليها اولاده سيد عودة وسيد فرج وسيد غالب وسيد مبارك وسيد طالب رحمهم الله جميعا لما قدموا من الخدمة للامام الحسين ومن بعدهم اولادهم لكن الحرب العراقية الايرانية لم تبقي لهذا المعلم الكبير أي اثر واندثرت الحسينية واثارها وكذلك الحسينيات الاخرى وكذلك اندثرت اثار القرية من غابات النخيل .. وايظا هنالك بيوت تقام فيها مجالس للعزاء امثال الحاج مالك السلمان وعبد العالي العذافه وبيت حسن الياقوت وبيت عبد الحسن الحميد وغيرهم كثير ..

وفي القرية تأسست مدرسة سنة 1952 بأسم مدرسة البوارين الابتدائية للبنين وفيها درس ابناء القرية وكذلك ابناء قرية الطويلة المجاورة لها وتوصل الكثير منهم الى مراحل علمية متقدمة .. وفي اعوام السبعينيات تم انشاء مدرسة اخرى في قرية سبع كصبات بأسم مدرسة ذي قار حيث سهلت عملية التعليم لابناء منطقة الشمشومية وشلهة الاغوات واستمرت الدراسة فيها لحين الحرب العراقية الايرانية ولم يبقى من اثارها شيء .. ان اغلب مالكي الاراضي في هذه المنطقة هم من خارج القرية امثال الاغوات وبيت الذكير والبجاري والعقيل وشمعون وهادي وبيت سيد علي وسيد سلمان من اهالي نهر خوز .

كان لقرية البوارين مختارين منذ اعوام الاربعينيات اولهم المختار الحاج عبد الامام وبعد وفاته انتقلت المختارية الى السيد سعيد السيد عصفور وهذا في الاربعينيات والخمسينيات وبعد ذلك اصبح منافس للسيد سعيد هو السيد محسن الجابري الذي كان وكيل لبيت الذكير لادارة شؤون املاكهم في القرية ونتيجة للمنافسة بين هذين الشخصين حصلت مشاحنات داخل القرية وانحاز كل طرف لصاحبه واخيرا استقر الوضع واصبح السيد محسن مختار القرية واحتفظ بها لعدة دورات وعند قيام ثورة 14 تموز عام 1958 تم ترشيح السيد جواد السيد موسى وهو من العوائل المقبولة من قبل جميع اهالي القرية وبايامه زادت المحبة والالفة بين ابناء القرية وانعدمت المشاكل وبعد وفاته رحمه الله وتكريما للعائلة الكريمة تم تكليف اخيه السيد علي بمهام المختارية فكان بحق خير خلف لاحسن سلف وجميع اهالي القرية يشهدون بذلك ولحد الان مكانتها المحبوبة لدى جميع ابناء القرية رغم مضي فترة طويلة على تخليهم عن المسؤولية .

كذلك يوجد في القرية ثلاثة مراكز للشرطة لحفظ الامن فيها حيث الاول في شلهة الاغوات والثاني في سبع كصبات والثالث في الخرنوبية وان علاقة منتسبي هذه المراكز بالاهالي علاقة متينة وقويه وكان افراد الشرطة يحضرون مناسبات القرية ويحضون باحترام جميع اهالي القرية .. كان اغلب اهالي القرية يسكنون في الصرائف لانهم لا يملكون الارض لبناء الدور من الطين عليها الا القليل منهم واستمرت هذه الحالة حتى قيام الجمهورية في 14 تموز 1958 حيث سمح للفلاح ببناء دار له من الطين وبذلك تحسنت اوضاع الفلاحين بعض الشيء .. ومن الناحية الصحية يوجد في القرية مستوصف للرعاية الصحية الاولية تم انشاؤه في فترة السبعينيات فيه معاون طبيب وبعض المضمدين لمعالجة الحالات المرضية البسيطة وكانت نهايته في الحرب العراقية الايرانية .

اما وسائط النقل وطرقها كما في بداية البحث فكانت تعتمد على الزوارق البخارية وهي الوسيلة المعتمدة للتنقل بين القرية ومركز المدينة في البصرة واقضية ابي الخصيب وشط العرب وهناك فيها قرابة 50 الى 70 شخص يملكون هذه الزوارق وهم من ميسوري الحالة المادية وكانوا كمن يملكون السيارات الحديثة في الوقت الحاضر وكذلك الزوارق الشراعية ايظا معتمده في التنقل وبواسطة  المواطير يتم سحب سفن نقل التمور وعند انسياب الزوارق في شط العرب والانهر المتفرعه عنه يكون لها منظر جميل يبعث البهجة والسرور لدى المشاهد وهناك الكثير من اهالي البصرة الذين يملكون زوارق سريعه يجوبون مياه شط العرب والبوارين للتسلية والترويح عن انفسهم ..وفي القرية من يمارس مهنة بيع وشراء التمور من الفلاحين الى المكابس ويعطون للفلاح العربون للموسم القادم لغرض شراء كمية التمور التي يملكها الفلاح ومن هؤلاء سيد عودة وسيد حمد وسيد عدنان وحاج هجول سبتي الحمد وحاج علي الفهد وفالح الفياض وسيد محسن وغيرهم الكثير الا ان هذه الفئة انتهى دورها بتشكيل الجمعيات الفلاحية ايام النظام السابق 

في الختام لابد من ذكر العوائل التي سكنت هذه القرية في تلك الفترة وحسب ما بقي منها في الذاكرة لكي نحافظ على مكانة اهل القرية التي كنا نحن من افرادها والذين عشنا بها ايام الطفولة وبداية الشباب وان اباءنا واجدادنا قضو فيها فأنها وبحق تستحق كل التقدير والاحترام وتخليد الذكرى بماضيها..