بلدية البصرة تفتتح حديقة السنبلة بمساحة 1000 متر ضمن حملة "نحو بصرة أجمل"
   |   
وعود برلمانية بدعم البصرة في مختلف المجالات
   |   
عشائر في البصرة تطالب باحترام نتائج الانتخابات وحصول العيداني على اعلى الاصوات
   |   
مصرع وإصابة 4 عمال نظافة “دهسا”في البصرة
   |   
وصول نسب انجاز مشروع الجسر الرابط بين محلة الساعي ومنطقة العباسية الى مراحل متقدمة
   |   
النائب الأول يترأس اجتماعاً مع دوائر المحافظة لبحث إعداد الخارطة الاستثمارية في البصرة
   |   
مسلحون يعترضون مواطناً و"يسلبوّن" دراجته في البصرة
   |   
قائمة بأصناف وأسعار السمك في مزاد الفاو اليوم الخميس
   |   
النزاهة تضبط تلاعباً بمركز ساحة الترحيب الكبرى في ميناء أم قصر
   |   
أسعار السمك في مزاد الفاو
   |   

ابحث في الموقع

تابعونا على الفيسبوك

اعلانات


أربعة متغيرات متداخلة تحكم عمل الحكومة العراقية

كتب - سميح الكايد:

اعتبر مراقبون وسياسيون في مركز بروكينجز ان الأوضاع الناشئة عن سقوط الموصل بيد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" شكلت العاملَ الحاسم في قيام حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي، كما ظهر ذلك في بنيتها وتركيبتها وأسماء قياداتها والأطراف السياسية الفاعلة فيها وتوجهاتها، على غرار ما جاء في برنامجها وانتهاء نفوذ المالكي.

وأعربوا عن قناعتهم انه لولا سقوط الموصل وما أعقبه من تداعيات لكان مرجحًا أن يتمكن رئيس الوزراء السَّابق، نوري المالكي، من البقاء في منصبه لولاية ثالثة، على الرغم من درجة الممانعة والرفض من الأطراف الداخلية والإقليمية والدولية.

سياسة العصا والجزرة

واعتبروا انه بسبب سياسة "العصا والجزرة" التي اتبعها مع خصومه ومناصريه، فضلًا عن تعبئة الجمهور – وخصوصًا الشيعي - في خطاب طائفي مغلق، تمكَّن المالكي من جعْل توازنات القوى والمصالح تتقاطع حول شخصه ولذلك، يبدو صحيحًا أنّ سقوط الموصل هو الذي سرّع خروجه، وهناك إقرار واسع، داخليًّا وخارجيًّا، بأنّ السياسات الإقصائية التي اتبعها خلال أعوام حكمه الثمانية (2006 - 2014)، ولا سيما في ولايته الثانية، هي التي أوصلت العراق إلى هذه الحال

واعتقد المراقبون أنّ خروج المالكي شرطٌ لازم لمواجهة خطر داعش، وأنّ هذا الخروج يجب أن يليَه تشكيل حكومة توافقٍ وطنيٍّ، وانتهاج سياسات تعالج المظالم تجاه السنَّة، وتعمل على دمجهم في مؤسسة الحكم أكثر فأكثر وإنّ هذا الإصلاح السياسي لا بدَّ أن يسبق مواجهة داعش عسكريًّا؛ وذلك لتفكيك الحواضن التي تنشط داخلها، وإعادة بناء ثقة المواطنين العرب السنَّة بالمؤسسات السياسية العامَّة.

 

خريطة طريق

وأشاروا الى ان المهمّة الأساسية لحكومة العبادي، بناءً على ذلك،ستكون أبعد مدًى، وأوسع من مواجهة حزمة المشكلات البنيوية المعقَّدة والمتراكمة التي تعانيها الدولة العراقية ، من فشل في الوفاء بالخدمات الأساسية، وفساد، وتغوّل السلطة التنفيذية، واقتصاد ريعي يكرِّس تبعية المجتمع للدولة، وانغلاق المسار الديمقراطي، مع تعثُّر المؤسسات السياسية وارتباك العلاقة بينها، وترهُّل القطاع العامّ، وتأخُّر إقرار الإطار التشريعي المكمل لبنية الدولة الضامن لطبيعة العلاقة بين المؤسسات السياسية ولحقوق المواطنة الأساسية

وأعربوا عن قناعتهم وفقا للمعطيات السياسية بأنه سيكون أمام حكومة العبادي مهمتان رئيستان متداخلتان تشكلان تحديا كبيرا امام اداء هذه الحكومة وتساءلوا حول مدى امكانية تصدي حكومة العبادي لهما بنجاح:

المهمة الأولى: إطلاق مسار إصلاح جذريٍّ طويل المدى لمعالجة أزمات النظام السياسي الذي نشأ بعد الغزو الأميركي عام 2003، وأوصلت هذا النظام إلى حافة الانهيار؛ لأنه قائم على تمثيل الهويات المكوِّنة للبلاد وتحاصصها في السلطة، وليس نظامَ "دولة – أمة" يؤمِّن بشراكة متكافئة للمكونات العراقية في مؤسسات السلطة وقد أطلقت هذه الاختلالات في النظام السياسي العنان للقوى المتطرفة داخل كلّ مكوِّن، ومكَّنتها من احتلال مساحات واسعة تتحرك فيها على خطوط الانقسام المجتمعي والسياسي.

الإصلاح والهيكلية

واستدركوا هنا بالقول ولكنّ الإصلاح لا يقف عند حدود التشكيلة الحكومية أو معالجة أزمة التمثيل السنِّي، من خلال إعادة تعريف النخبة السنِّية القائمة وتأهيلها، أو إطلاق مرحلة انتقالية لصناعة نخبة سنِّية بديلة، بل إنه يشمل كذلك إعادة هيكلة النظام السياسي، من خلال إعادة صَوْغ العلاقة بين مكوناته المجتمعية، ومؤسساته السياسية وسلطاته، والمركز من جهة، والإقليم والمحافظات من جهة أخرى، وتحديد صيغ الشراكة في إدارة المؤسسات الأمنية والعسكرية الرسمية، وإدارة الثروة.

المهمة الثانية أمام حكومة العبادي هي المساهمة، من خلال سلوكها وسياساتها، في مواجهة داعش ويشكِّل المسار الإصلاحي المشار إليه آنفًا، العتبةَ الأساسيةَ في هذه المواجهة؛ لِما له من دور في تفكيك الحواضن التي آمنت في لحظة ما بأنّ داعش هي الأداة الوحيدة الممكنة للتخلص من تسلط الحكومة المركزية.

ولفتوا هنا الى ان هذه الرؤية سيطرت على سائر الترتيبات الدولية، ولا سيما الأميركية التي أعدَّت لمواجهة داعش بل جرى ربط الجداول الزمنية الخاصة بمواجهة داعش (مثل إعلان الرئيس أوباما عن خطته لمواجهتها، ثمّ مؤتمر باريس لدعم العراق) بالإعلان عن تشكيل الحكومة العراقية.

سياق مغاير

وأشار المراقبون بالقول ان من الواضح أنّ حكومة العبادي ستعمل في سياق مغاير كليًّا للسياق الذي عملت فيه حكومتَا المالكي السابقتان؛ إذ سيعمل الفاعلون السياسيون على القيام بأداء مغاير لما كانوا يقومون به طوال الفترة الماضية وثمَّة أربعة متغيرات رئيسة ومتداخلة، ستحكم عمل حكومة العبادي وتحدِّده، هي:

> تمدُّد داعش: شكَّلت داعش التحدي الأكبر للنظام السياسي القائم في بغداد، بعد سيطرتها على نحو ثلث مساحة البلاد، وقد شكّل هذا المتغير العامل الرئيس في تحديد بنية الحكومة وأهدافها والتنظيمات الرئيسة فيها وقادتها.

> تغيُّر الإستراتيجية الأميركية تجاه العراق: امتنع الرئيس أوباما منذ وصوله إلى الحكم، مطلع عام 2009، عن أيِّ تدخل عسكري خارجي، ماعدا التدخل في ليبيا عام 2011، عِلمّاً أن هذا التدخُّل جاء بموجب قرار من مجلس الأمن الدولي من أجل حماية المدنيين، وقد جرى من خلال الناتو، وتبنَّت معه واشنطن ما يُسمى أسلوب القيادة من الخلف (leading from behind) وعلى الرّغم من أنّ التحولات الجارية في المنطقة في إطار ثورات الربيع العربي وضعت الولايات المتحدة الأميركية أمام تحديات كبيرة، ولا سيما بالنسبة إلى الوضع في سورية التي شهدت مقتلَ مئات الآلاف من المدنيين.

وأشاروا هنا بالقول يشكِّل العراق الساحة الأساسية لتطبيق الإستراتيجية الأميركية الجديدة وليس ذلك لأنه مسرح داعش الرئيس، بل لأنّ الولايات المتحدة تتصرف وفقًا لـ "شعور" متمثِّل بمسؤولية تاريخية ترتب عليها فعلُ شيء ما، بالنظر إلى أنها هي من أوصل العراق إلى هذه الحالة من الدمار والفوضى، بعد أن أقدمت على احتلاله وتغيير نظامه السياسي عام 2003.